أول 100 يوم في حياة طالب الطب

"أول 100 يوم" عبارة شائعة أصبحت عرفاً تقليدياً في المجال السياسي والاقتصادي، ثم في مجالات أخرى كالمجال الرياضي والفني، حيث يكون تداولها معياراً ومؤشراً للأداء والإنجاز. وباتت هذه العبارة تشكل هاجساً قد يكون إيجابياً محفزاً للأداء، وقد تشكل هذه العبارة هاجساً سلبياً يؤدي للمزيد من الضغوط التي تربك الإنسان وتصرفه عن تحقيق الأهداف الرئيسية. تقول هيلدا قولد مديرة المشاريع في شركة (First 100) في مقالها المنشور في مجلة التدريب عن أهمية أول مئة يوم: “قبل عقدين من الزمن، سمح للمدير التنفيذي المعين حديثًا بترف فترة الاستقرار لمدة ثلاثة أشهر، لقد ولت تلك الأيام. يتم الآن إصدار الأحكام بسرعة أكبر بكثير." وتضيف السيدة قولد: " تعتبر إنجازات القائد في المئة يوم الأولى بمثابة مؤشر على إمكاناته القيادية في المستقبل".  

يمكن أن تكون أول 100 يوم في أي تخصص جديد أو في أي مكان جديد بمثابة تحدي لإثبات الوجود ولتحقيق إنجاز وتقدم شخصي ومهني، ولذا من الأهمية بمكان أن يُهيئ الطالب نفسه جيدًا والقيام بإعداد خطة عمل وخارطة طريق تعتمد على عدة نقاط واستراتيجيات تضمن له (أو لها) تحقيق الحد الأدنى من الإنجازات الشخصية والمهنية، أو على الأقل امتلاك الأدوات التي تختصر المسافات وتساعد على تحقيق الحد الأعلى من الإنجازات والأهداف.  

هذا الكتاب يخاطب طلاب الطب على وجه التحديد بحكم عملي أستاذاً في كلية الطب، وبحكم ارتباطي مع الطلاب أكاديمياً وعلمياً من حيث التدريس والبحث العلمي، وبحكم وقوفي على الكثير من المشاكل والتحديات التي تواجه الطلاب، وتقديم الاستشارات والاقتراحات والحلول لهذه المشاكل. هذه المشاكل والتحديات تدفع أحياناً بعض طلاب الطب على التفكير بالانسحاب من الكلية، أو تغيير التخصص أو تأجيل بعض الفصول الدراسية. ومن خلال مشاهداتي وتقييمي لطبيعة هذه المشاكل والتحديات، أجد أن بدايات المرحلة الجامعية للطالب، والفجوة التي تخلقها الفترة الانتقالية من المرحلة الثانوية للمرحلة الجامعية وما تنطوي عليه هذه الفترة من عدم الاستعداد جيداً لها وتقدير ظروفها وأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من تداعياتها هي العائق الأكبر، وهي من الأسباب الرئيسية لانحراف مسار الطالب عن جادة الطريق.